فصل: اللغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة يوسف: الآيات 74- 80]

{قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ (74) قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (75) فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (76) قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَر}
خالطهم أحد.
{نَجِيًّا}: النجي فعيل بمعنى مفاعل كالعشير والخليط بمعنى المعاشر والمخالط كقوله تعالى: {وقربناه نجيا} أي مناجيا وهذا الاستعمال يفرد مطلقا يقال: هم خليطك وعشيرك أي مخالطوك ومعاشروك، وإما لأنه على صفة فعيل بمنزلة صديق وبابه فوحد لأنه بزنة المصادر كالصهيل والوحيد والذميل وإما لأنه مصدر بمعنى التناجي كما قيل النجوى بمعناه.

.الإعراب:

{قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ} الفاء الفصيحة وما اسم استفهام مبتدأ وجزاؤه خبر والضمير للصواع أي فما جزاء سرقته أو الضمير للسارق وإن شرطية وكنتم فعل الشرط وكاذبين خبر كان وجواب إن محذوف دل عليه ما قبله أي فما جزاء سرقة الصواع أو السارق. {قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ} جزاؤه مبتدأ ومن شرطية أو موصولة مبتدأ ثان ووجد صلة أو فعل الشرط وفي رحله متعلقان بوجد والفاء رابطة على الوجهين وهو مبتدأ وجزاؤه خبر وجملة فهو جزاؤه خبر من، ومن وما في حيزها خبر المبتدأ الأول والضمير على هذا الاعراب يعود على السارق ويجوز أن يكون جزاؤه مبتدأ والهاء تعود على المسروق ومن وجد في رحله خبره ومن بمعنى الذي والتقدير وجزاء الصواع الذي وجد في رحله، ويجوز أن يكون جزاؤه خبر مبتدأ محذوف أي المسئول عنه جزاؤه أي استرقاقه جزاؤه وكانت تلك شريعة آل يعقوب. {كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} كذلك نعت لمصدر محذوف أي نجزي الظالمين جزاء كذلك الجزاء والظالمين مفعول به أي فهو كذلك في شريعتنا المقررة بيننا. {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ} الفاء عاطفة وبدأ فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هو وبأوعيتهم جار ومجرور متعلقان ببدأ وقبل ظرف زمان متعلق بمحذوف حال ووعاء أخيه مضافان وثم حرف عطف واستخرجها فعل وفاعل مستتر ومفعول به والهاء تعود على الصواع لأن فيه التذكير والتأنيث أو على السقاية لأن الصواع يحمل معناها ومن وعاء أخيه متعلقان باستخرجها. {كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ} أي مثل ذلك الكيد كدنا ليوسف فالكاف نعت لمصدر محذوف كما تقدم وليوسف متعلقان بكدنا. {ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ} ما نافية وكان فعل ماض ناقص واسمها مستتر واللام للجحود ويأخذ فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام الجحود واللام ومجرورها في موضع الخبر وأخاه مفعول به وفي دين الملك حال. {إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ} الاستثناء منقطع إذ الأخذ بدين الملك لا يشمل المراد بقوله إلا أن يشاء اللّه لأنه أخذه بشريعة يعقوب أو الاستثناء متصل من أعم الأحوال أي إلا حال مشيئته واذنه بذلك وإرادته له وجملة ما كان ليأخذ أخاه إلخ تعليل لما صنعه اللّه من الكيد ليوسف أو تفسير له وعلى كل لا محل لها. {نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} درجات منصوب على الظرفية ومن مفعول به وجملة نشاء صلة وفوق الظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم وكل ذي علم مضافان وعليم مبتدأ مؤخر. {قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} إن شرطية ويسرق فعل الشرط والفاء رابطة لاقتران الجواب بقد وسرق أخ فعل وفاعل والجملة في محل جزم جواب الشرط وله صفة ومن قبل حال، قالوا ذلك متنصلين من التهمة التي ثبتت عليهم مبرئين لساحتهم يعنون ان هذه الفعلة ليست ببعيدة من بنيامين فإن أخاه الذي هلك كان سارقا أيضا ونحن لسنا على طريقتهما لأنهما من أم أخرى ويروي المؤرخون أن يوسف كان قد سرق لأبي أمه صنما مما استفاض ذكره في المطولات والأولى ما حكاه الزجاج أنه قال: {كذبوا عليه فيما نسبوه اليه} ونقول ما هذه الكذبة بأول كذباتهم. {فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ} الفاء عاطفة وأسرها فعل ومفعول به والهاء تعود للكلمة الآتية وهي أنتم شر مكانا فهو إضمار على شريطة التفسير ويوسف فاعل وفي نفسه متعلقان بأسرها ولم يبدها عطف على أسرها ولهم متعلقان بيبدها. {قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ} أنتم مبتدأ وشر خبر ومكانا تمييز وجملة أنتم شر مكانا بدل من الهاء ويجوز أن يعود الضمير أي الهاء على الحجة فيكون المعنى فأسر يوسف في نفسه الحجة عليهم في ادعائهم عليه السرقة ولم يبدها لهم وقال أنتم شر مكانا، واللّه مبتدأ وأعلم خبره وبما متعلقان بأعلم وجملة تصفون صلة. {قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا} يا حرف نداء وأيها منادى نكرة مقصودة والهاء للتنبيه والعزيز بدل وان حرف مشبه بالفعل وله خبرها المقدم وشيخا اسمها المؤخر وكبيرا صفة. {فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} الفاء الفصيحة وخذ فعل أمر وفاعل مستتر تقديره أنت وأحدنا مفعول به ومكانه ظرف مكان متعلق بخذ وان واسمها وجملة نراك خبرها ومن المحسنين متعلق بنراك على أنه مفعول ثان. {قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ} معاذ اللّه نصب على المصدر بفعل محذوف أي نعوذ باللّه معاذا وأن نأخذ أن وما في حيزه منصوب بنزع الخافض متعلق بنعوذ وإلا أداة حصر ومن مفعول نأخذ وجملة وجدنا صلة ومتاعنا مفعول وجدنا وعنده متعلق بمحذوف هو المفعول الثاني لوجدنا أي كائنا عنده. {إِنَّا إِذًا لَظالِمُونَ} ان واسمها واذن جواب وجزاء واللام المزحلقة وظالمون خبر إنا. {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} لما ظرفية حينية أو رابطة واستيئسوا فعل وفاعل ومنه متعلقان باستيأسوا وخلصوا فعل وفاعل ونجيا حال من فاعل خلصوا أي اعتزلوا هذه الحالة متناجين وإنما أفردت الحال وصاحبها جمع لأن النجي يفرد مطلقا كما تقدم في باب اللغة. {قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ} الهمزة للاستفهام التقريري ولم حرف نفي وقلب وجزم وتعلموا مضارع مجزوم بلم وأن وما في حيزها سدت مسد مفعولي تعلموا وان واسمها وجملة قد أخذ خبر وعليكم متعلقان بأخذ وموثقا مفعول به ومن اللّه صفة لموثقا.
{وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ} في اعراب هذا الكلام وجوه أظهرها أن من قبل خبر مقدم وبني قبل على الضم لانقطاعه عن الاضافة لفظا لا معنى أي ومن قبل هذا، وما مصدرية وهي مع مدخولها مبتدأ مؤخر ومعناه ووقع من قبل هذا تفريطكم وفي يوسف متعلقان بفرطتم.
ويجوز أن تكون ما موصولة بمعنى ومن قبل هذا الذي فرطتموه في يوسف من الجناية العظيمة ومحل الموصول الرفع على الابتداء أيضا ويجوز أن تكون ما صلة أي زائدة لتحسين اللفظ فمن متعلقة بالفعل وهو فرطتم وقد رجح أبو حيان هذا الوجه. قال ابن هشام: وقوله تعالى: {ومن قبل ما فرطتم في يوسف} ما إما زائدة فمن متعلقة بفرطتم وإما مصدرية فقيل هي وصلتها رفع بالابتداء وخبره من قبل وردّ بأن الغايات لا تقع أخبارا ولا صلات ولا صفات ولا أحوالا نصّ على ذلك سيبويه وجماعة من المحققين ويشكل عليهم: كيف كان عاقبة الذين من قبل وقيل نصب عطفا على ان وصلتها أي ألم تعلموا أخذ أبيكم الموثق وتفريطكم ويلزم على هذا الاعراب الفصل بين العاطف والمعطوف بالظرف وهو ممتع. هذا ما قاله ابن هشام وهو جميل غير أنّا لا نسلم به بأن الفصل ممنوع كما ذكر بل هو جائز كما ذكره ابن مالك وتمسك بعضهم لجوازه بقوله تعالى: {إن اللّه يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} وأجاب ابن هشام عن هذا الاعتراض في حواشي التسهيل بأن التقدير ويأمركم إذا حكمتم فهو عطف جمل.
والواو في قوله ومن قبل للحال على كل حال فالمعنى: ألم تعلموا أن أباكم قد أخذ عليكم موثقا من اللّه والحال انكم فرطتم في يوسف من قبل.
{فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} الفاء عاطفة على مقدر أي سأبقى في مصر ولن أبرحها، ولن حرف نفي ونصب واستقبال وأبرح فعل مضارع منصوب بلن ومعناه أفارق فهي تامة وفاعل أبرح مستتر تقديره أنا والأرض مفعول به وحتى يأذن حرف غاية وجر ويأذن فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى ولي متعلقان بيأذن وأبي فاعل.
{أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ} أو حرف عطف ويحكم معطوف على يأذن ويجوز أن ينصب بأن مضمرة في جواب النفي واللّه فاعل ولي متعلقان بيحكم وهو مبتدأ وخير الحاكمين خبر.

.[سورة يوسف: الآيات 81- 86]

{ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَما شَهِدْنا إِلاَّ بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ (81) وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ (82) قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ (85) قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (86)}

.اللغة:

(كَظِيمٌ): أي مكظوم ممتلئ من الحزن ممسك عليه لا يبثّه قال قتادة: هو الذي يردد حزنه في جوفه ولم يقل إلا خيرا وفي المصباح: كظمت الغيظ كظما من باب ضرب وكظوما أمسكت على ما في نفسك منه على صفح أو غيظ وقال الزمخشري: فعيل بمعنى مفعول بدليل قوله: وهو مكظوم من كظم السقاء إذا شده على ملئه والكظم بفتح الظاء مخرج النفس يقال: أخذ بأكظامه وأصل هذه المادة كما تقول معاجم اللغة من كظم البعير جرّته از دردها وكفّ عن الاجترار وباتت الإبل كظوما وكواظم وحفروا كظامة وكظيمة وكظائم وفي الحديث: «أتى كظامة قوم فتوضأ» وهي الفقير يحفر من بئر إلى بئر والسقاية والحوض قال طرفة:
يشربن من فضلة العقار كما ** استوجر ماء الكظيمة الشرب

جمع شروب ومن المجاز كظم الغيظ وعلى الغيظ وهو كاظم وكظمه الغيظ والغمّ: أخذ بنفسه فهو كظيم ومكظوم.
{حَرَضًا}: في المصباح: حرض حرضا من باب تعب أشرف على الهلاك فهو حرض ويستوي فيه الواحد وغيره أي المثنى والمجموع والمذكر والمؤنث.

.الإعراب:

{ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ} ارجعوا فعل أمر وفاعل والى أبيكم متعلقان بارجعوا، فقولوا عطف على ارجعوا ويا أبانا منادى مضاف وان واسمها وجملة سرق خبرها. {وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ} الواو حرف عطف وما نافية وشهدنا فعل وفاعل وإلا أداة حصر وبما متعلقان بشهدنا وجملة علمنا صلة وما عطف أيضا وما نافية وكان واسمها وللغيب متعلقان بحافظين وحافظين خبر كنا. {وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها} الواو عاطفة واسأل فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت والقرية مفعول به وسؤال القرية يعني سؤال أهلها كما يأتي في باب البلاغة والتي صفة وجملة كنا صلة وكان واسمها وفيها خبرها. {وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَإِنَّا لَصادِقُونَ} والعير عطف على القرية والتي صفة وجملة أقبلنا صلة وفيها متعلقان بأقبلنا وإنا عطف وان واسمها واللام المزحلقة وصادقون خبرها.
{قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} قال مرتب على محذوف أي فرجعوا فقال، وبل حرف إضراب وسولت فعل ماض والتاء للتأنيث ولكم جار ومجرور متعلقان بسولت وأنفسكم فاعل وأمرا مفعول به. {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} الفاء عاطفة وصبر خبر لمبتدأ محذوف أي صبري وجميل نعت وعسى من أفعال الرجاء واللّه اسمها وان وما في حيزها خبرها وبهم متعلقان بيأتيني وجمع لأن المفقودين صاروا ثلاثة وهم يوسف وبنيامين وكبير الأخوة الذي آثر الاقامة بمصر وجميعا حال وان واسمها وهو ضمير فصل أو مبتدأ والعليم الحكيم خبر لأن أو للضمير والجملة خبر إن. {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ} وتولى الواو عاطفة وتولى فعل ماض أي أعرض عنهم وعنهم متعلقان بتولي وقال عطف على تولى ويا حرف نداء وأسفا منادى مضاف لياء المتكلم المنقلبة ألفا والأصل يا أسفي وقد تقدم بحث المنادى المضاف لياء المتكلم وعلى يوسف متعلقان بالأسف وخص يوسف بالذكر للدلالة على تمادي الأسف عليه وان الرزء به كان ولا يزال غضا طريا وان رزأه بأخويه جدد حزنه عليه لأنه قاعدة أحزانه ومصائبه على حد قول ابن الرومي في رثاء ابنه الأوسط:
أرى أخويك الباقيين كليهما ** يكونان للأحزان أورى من الزند

ولعل ابن الرومي رمق هذه البلاغة العالية.
{وَابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} وابيضت عيناه فعل وفاعل وإذا كثر الاستعبار محقت العبرة سواد العين وقلبته إلى بياض ومن الحزن جار ومجرور متعلقان بابيضت، فهو الفاء عاطفة وهو مبتدأ وكظيم خبره. {قالُوا تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ} قالوا فعل وفاعل والتاء تاء القسم ولفظ الجلالة مجرور بتاء القسم والجار والمجرور متعلقان بفعل القسم وتفتأ أي لا تفتأ من أخوات كان واسمها مستتر تقديره أنت وجملة تذكر خبرها ويوسف مفعول به وحتى حرف غاية وجر وتكون منصوب بأن مضمرة بعد حتى وحرضا خبر تكون واسم تكون مستتر تقديره أنت وأو حرف عطف وتكون فعل مضارع ناقص واسمها أنت ومن الهالكين خبرها.
{قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} إنما كافة ومكفوفة وأشكو بثي فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به، وحزني عطف على بثي والى اللّه متعلقان بأشكو، والبث: ما يرد على الإنسان من الأشياء التي يعظم حزن صاحبها بها حتى لا يقدر على اخفائها كذا قال أهل اللغة وهو مأخوذ من بثثته أي فرقته فسميت المصيبة بثا مجازا قال ذو الرمة:
وقفت على ربع لميّة ناقتي ** فما زلت أبكي عنده وأخاطبه

وأسقيه حتى كاد مما أبثه ** تكمني أحجاره وملاعبه

{أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ} وأعلم عطف على أشكو، ومن اللّه متعلقان بأعلم، أي أعلم من صنعه ورحمته وحسن ظني به، وما مفعول به وجملة لا تعلمون صلة.